No products in the cart.

July 30, 2023

باسل ووسائل التواصل – اقتناء الهاتف

بقلم/ عبد الرحمن أسامة عبيد – 16 سنة، البحرين


في المدرسة تَجمَّع الطلاب وأخذوا يتبادلون الأحاديث إلا باسلًا الذي وقف مندهشًا لا يعرف عمَّا يتحدثون.  فكانت حديثهم غريبًا والمصطلحات غير مفهومة ، فهي تبدو أجنبية. كان يحاول أن ينطقها : “سناب … فيسبوك .. انستــ …”، وهناك من الكلمات التي يحاول تذكرها لكنه لا يتذكر حتى حروفها!

احتار كثيرًا وأحس بالغربة بين زملائه، فهم كل يوم يناقشون موضوعًا جديدًا لم يسمع عنه شيئًا من قبل. لذا لم يتفاعل معهم، وشيئًا فشيئًا ابتعد عنهم، وشعر بأنه وحيد. لم يعجبه وضعه الجديد، وأخذ يتساءل عن هذه المواضيع الغريبة، وعرف أن مصدرها الهاتف المحمول، والذي يطلقون عليه صفة (( الذكي )).

طلب باسل من والده اقتناء الهاتف العجيب الذي سيجعله مقبولًا بين الطلاب ، فيبادلهم الحديث ويعرض عليهم المستجدات. رفض والد باسل، لكن باسلًا لم يستسلم. وبعد إلحاح شديد اشترى له والده أخيرًا الهاتف الذكي بمواصفات حديثة.

فرح باسل بالهاتف كثيرًا، وتعرف على الكثير من التطبيقات التي يطلقون عليها حسابات التواصل الاجتماعي، وتفاجأ من كمية ونوعية المعلومات والصور والأشخاص والمنتجات والأشياء على هذه الحسابات. وأخذ يتابع ويشارك في الأحاديث التي تدور حول سفر أحد الشخصيات… ماذا أكل ؟ وماذا لبس؟ وماذا اشترى ؟ وما المحل الذي صور فيه؟ محتويات لا جدوى لها يتبادلها الجميع ويقضون ساعات في البحث عنها والمساهمة في نشرها عن طريق وضع علامات الإعجاب والتعليقات.  إنه عالم كبير وواسع لكنه هش وضعيف.

استمر باسل يتابع ويضيف ويفرح تارةً ويغضب تارةً أخرى، كل هذه المشاعر يعبّر عنها برمز أو ملصق أو أيقونة. وبعد أن كان يطمح في أن يكون طبيبًا يعالج المرضى الذين يتألمون لأنه كان يشعر بمشاعر حقيقية، صار يهمل باسل دراسته، وأصبحت درجاته ضعيفة. لكنه لم يهتم، فقد تبلدت مشاعره وتغيرت أفكاره، وصار تحت رصد كاميرا الهاتف،  فكلما تحرك كلما زادت اللقطات التي يحملها على حساباته ليحصد كم الإعجابات والتعليقات، فيستغرق في قراءتها والرد عليها.

الكثير من التغييرات طرأت على باسل…  شكله، وملابسه، وتصرفاته، فأصبح نسخة من الشخصيات التي تعرض نفسها على حسابات التواصل الاجتماعية، وأصبح من سكان العالم الافتراضي.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *